اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 454
لا يعجل بالانتقام والعقوبة رجاء ان تتفطنوا وترجعوا نحوه بالتوبة والندم على الإخلاص فيغفر زلتكم كلها انه كان غَفُوراً للأوابين الرجاعين نحوه بكمال الندم والإخلاص وان عظمت زلتهم وكبرت معصيتهم
وَمن كمال لطفنا معك يا أكمل الرسل وغاية حفظنا وحراستنا إياك إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ واستغرقت في لجج رموزه وإشاراته وخضت في تيار بحره الزخار لطلب فرائد فوائده وصرت من غاية استغراقك وتلذذك به وبما فيه الى ان غبت عن محافظة نفسك ومراقبة حالك إذ قد جَعَلْنا حسب حفظنا وحضانتنا لك بَيْنَكَ وَبَيْنَ القوم الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ولا يوقنون بالأمور المترتبة عليها فيها حِجاباً غليظا وغشاء كثيفا مَسْتُوراً نسترك به عن أعين أعدائك القاصدين لك سوء مع انهم لا يرون الحجب ايضا روى سعيد بن جبير رضى الله عنه انه لما نزلت تبت يد ابى لهب السورة جاءت امرأة ابى لهب بحجر لترضح به رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو جالس مع ابى بكر رضى الله عنه فسألته اين صاحبك لقد بلغني انه هجانى فقال ابو بكر ما نطق صاحبي بالشعر قط ثم قال أبو بكر ما رأتك يا رسول الله فقال عليه السّلام لم يزل ملك بيني وبين أعدائي انا أراهم وهم لا يرونني
وَكيف لا يكون الكافر محجوبا مستورا عن سرائر القرآن ومرموزاته إذ قد جَعَلْنا وغطينا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً واغطية كثيفة تمنعهم عن أَنْ يَفْقَهُوهُ ويفهموا معناه وَايضا قد جعلنا فِي آذانِهِمْ وَقْراً صمما وثقلا يمنعهم عن استماع ألفاظه حتى لا يتأملوا ولا يتدبروا في معناه وَمن غلظ غشاوتهم وكثافة حجبهم وأكنتهم إِذا ذَكَرْتَ أنت رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ منفردا بلا ذكر آلهتهم الباطلة وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ وانصرفوا من حولك معرضين كارهين نُفُوراً متنفرين ساخطين عليك ولا تبال يا أكمل الرسل بهم وبسماعهم واستماعهم وعدمه ولا تلتفت أنت نحوهم قط
إذ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ اى بغرضهم المتعلق باستماعهم الذي هو الاستهزاء والسخرية وقت إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَكيف لا يكونون مستهزئين مستسخرين إِذْ هُمْ حين استماعهم كلامك نَجْوى اى ذو ومناجاة يضمرون في نفوسهم مقتك وهلاكك واقله الاستهزاء معك اذكر إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ منهم على سبيل العناد والمكابرة لأهل العدل والتوحيد إِنْ تَتَّبِعُونَ وما تقتفون أنتم ايها الضالون إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً قد سحر به فجن فاختلط كلامه وذهب عقله وتكلم من تلقاء نفسه كلاما لا يشبه كلام العقلاء
انْظُرْ ايها الناظر بنور الله المؤيد من عنده كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ الحشوة البتراء من غاية اضطرابهم وتهالكهم مرة يقولون انك شاعر ومرة ساحر ومرة كاهن ومرة مجنون وبالجملة فَضَلُّوا عن طريق الحق في عموم ما نسبوا إليك والى ما جئت به من الكلام المعجز في أعلى مراتب الاعجاز فَلا يَسْتَطِيعُونَ الى مقتك وقدح كتابك سَبِيلًا واضحا موجها سوى هذه الهذيانات الباطلة بل قد خبطوا في جميعها خبط عشواء فضلوا عن السبيل السواء
وَمن غاية انهماكهم في الغي والضلال ونهاية انكارهم بحقية القرآن وبما فيه من احوال يوم القيمة وأهوالها وافزاعها قالُوا مستبعدين متعجبين على سبيل التهكم والاستهزاء أَإِذا كُنَّا عِظاماً يعنى انبعث ونحيي بعد ما قد صرنا عظاما بالية رميمة وَرُفاتاً غبارا مرفوتا مشتوتا تذروه الرياح أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ محشورون من قبورنا خَلْقاً آخر جَدِيداً معادا للخلق الاول لا مثلا له بل عينا بلا مغايرة له أصلا كلا وحاشا من اين يتأتى لنا
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 454